قصة التقاط صورتي من شاطئ مهجور
مقال أو خاطرة أدبية بقلمي
في الصّيف تصبح الشواطئ مكتظة جدا، الجميع يدافع عن مربّعه الرملي: الاهتمام المتبادل يكاد يكون منعدما باردا برودة يحتاجها البشر في يوم شديد الحرّ.
ولكن بمجرد انتهاء فترة الإجازة، يصبح الشاطئ مكانًا أرتاده مرارا وتكرارا، يصبح مكانًا رائعًا: تستعيد الطبيعة حقوقها، فيمكنك المشي بشكل مستقيم مرة أخرى بدلاً من التعرج بين المناشف، ويمكنك أن تستنشق رائحة نسيم البحر لا رائحة الكريمات المضادة لأشعة الشمس، أستمع إلى صوت الريح المتناغم مع محيطه لا الى ضوضاء البشر. أستمع الى نفس الحياة في سكون ضروري لاستقبال نغمات الأمواج المقبلة. لهذا السبب أنا من عشاق الشواطئ في غير موسمها، لأنه يمكنك أخيرًا مراقبة تحمل الطبيعة لمخلفات آلاف الناس الغافلين، كيف يلفظ البحر كل القاذورات التي لا تنتمي اليه ولم تكن يوما جزء منه، كيف سيرد الفعل الا بالتهامه بعضا من الغافلين من حين لآخر...
أراقب الآن ذلك العجوز ذا اللحية البيضاء، يرقص وحيدا منتفضا على عجزه في حركات جنونية وفجأة، يجلس القرفصاء بلا حراك.
أتساءل هل هناك أوقات أخرى يفرض فيها جسدنا مثل هذا السكون علينا؟
الآن راقب الفرح الذي لا ينضب للكلاب، كم هي سعيدة دائمًا بالركض على الرمل في مساحات كبيرة، هي سعيدة دائمًا بمقابلة المخلوقات الزميلة، ثم العودة إلى أسيادها حاملة كرات تنس شاطئ لا يُعرفُ مصدرها.
وإذا كان الفرح معديًا، وهو ما أعتقده، فإن الكلاب تعتبر مضادات اكتئاب رائعة.
أمّا الآن وبعد أن غادر آخر متجول، فيمكنني الاتصال الكامل مع محيطي والغوص في ظلام هذا الشاطئ الخلاب، فتنعكس تلألؤات مدينتي الملهمة على عينيَّ معلنة اتقاد شعلة مليئة بطاقة حب لا ينضب. بنزرت ليست صورا جميلة وحسب، بنزرت روح مثقلة بالشقاء، شقاء حبي لها، وهو شقاء طبيعي جميل لا يداريه غير البحر.
ما الذي يجري الآن في العالم غير ذبذبات متضادة، نقطة التقائها أنا، أنا الذي لا أساوي حجم ذرة في محيطي، لكن رغم ذلك يمكنني الاتصال به والتأثير فيه.
أتأمل، وعندما أتعب من التأمل، يخرج العقل عن صمته يدعوني للتوقف عن التخيّل والكتابة، لكن روحي قد مضت ومضيت معها لا مباليا بنداءات عقلي، أستمتع بالمشي وعيناي مغلقتان، محاولًا المشي بشكل مستقيم، مسترشدا بأصوات الأمواج ورائحة البحر، مسترشدا بالله وروحه التي تتملكني، فقط أفتح عينيَّ من وقت لآخر لإعادة ضبط مساري، ضبط مساري الذي شوّشه عقلي.. فحين تصبح الرّوح وحدها مرشدي حتما سأتمكن من السير دون فتحها طويلا.
ور غم كل شيء، في هذه اللحظة، ما أنا غير جزء من الصورة ضمن المشاهد الغريبة التي يمكن ملاحظتها على شاطئ مهجور!!
الكاتب: عمر بلخشين
هل تريد بالتأكيد حذف هذا المسار؟
هل أنت متأكد أنك تريد حذف هذا التعليق؟
هل أنت متأكد أنك تريد حذف هذا التعليق؟
هل أنت متأكد أنك تريد حذف هذه المشاركة؟
لمتابعة الإستماع، يرجى شراء هذا المسار
هذا المسار مقيد بحسب العمر للمشاهدين دون سن 18 عامًا, أنشأ حسابا أو سجل الدخول لتأكيد عمرك.
4796824372433055
Account number / IBANAntoian Kordiyal
Account nameTGBATRISXXX
Routing codeUnited States
Countryتحميل الإيصال
Are you sure you want to buy a ticket?